لا تزعجني، أنا صايم!!

في رمضان وككل عام نشهد من بعض الناس الصائمين تصرفات غير لائقة لا بالإسلام ولا بتعاليمه، وهي أخلاقيات أبعد ما تكون عن الإسلام، وأقرب ما تكون عن الجاهلية والتخلف والأمية بكل معنى الكلمة، ومن المفترض أن يتغير سلوك المؤمن أثناء الصيام إلى الأحسن لا إلى الأسوأ، وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذا التغيير الإيجابي في سلوك وأخلاق المرء حال صيامه في قوله -عز وجل:}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{ فأوضح سبحانه أنه كتب علينا الصيام لنتقيه سبحانه فدل ذلك على أن الصيام وسيلة للتقوى، والتقوى هي طاعة الله ورسوله بفعل ما أمر وترك ما نهى عنه عن إخلاص لله -عز وجل- ومحبة ورغبة ورهبة، وبذلك يتقي العبد عذاب الله وغضبه، ولكن هل هذا ما نلاحظه في الشوارع وبين الناس أوقات الصيام؟؟!!، فقبل موعد الإفطار بساعة أو أكثر يبدأ سائقو الباصات والسيارات بالصراخ والشتائم، وقد يكفر بعضهم ويشتم الآخر في عرضه، أو قد يتشاجر اثنان أو أكثر ويتعاركان بالأيدي، وكل ذلك لأنهما صائمان لا يحتمل أحدهما الآخر بسبب الجوع، وكأنه يمننا بصيامه، وإذا كلمته قال: (لا تزعجني، أنا صايم!!) وكأنه يهددك بصيامه أو كأنه يمننك به، يا سلااااام، وهل يصوم لي أم يصوم لله؟؟!!، فإذا كان يصوم لله فلماذا يطلب من الناس جميعهم أن يدللوه ويحسنوا إليه ويحتملوا غضبه وكأنه هو الوحيد الصائم، وقد نسي أن المسلمين جاهدوا في معركة بدر شهر الصيام، ولم يكن المسلمون الأوائل يشتكون من الجوع أو من العطش رغم أنهم كانوا يعيشون في الصحراء القاحلة المجردة من أية قطرة مطر، ولم يكن لهم وسيلة للاحتماء من الحرارة سوى الجلوس في الفيء أما نحن فنملك المكيفات والمراوح والمياه المتجمدة والعصائر الباردة اللذيذة، فلم الشكوى؟؟!!، فمن أخلاق الصائم لكل من لا يعلم:
حفظ اللسان: على المسلم أن يحفظ لسانه، أي أن لا يتكلم إلا بالخير ويبتعد عن سبّ الناس وشتمهم، وأن لا يكذب ولا يتكلم فيما لا يعنيه، وأن لا ينادي أصحابه بألقاب يكرهونها، قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”.
الصدق: الصدق خلق حسن يحبه الله تعالى، وعلى المسلم أن يتحلّى بالصدق في أقواله وأفعاله، قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين”.
الأمانة: على المسلم أن يؤدّي عمله بإخلاص ويردّ الأمانات إلى أهلها.
الاعتراف بالخطأ والاعتذار: إذا أخطأ المسلم في حق غيره من الناس، ندم على ما بدر منه وسارع بالاعتذار عن خطئه.
التسامح: على المسلم أن يقبل اعتذار زميله ويسامحه.
السماحة: على المسلم أن يلاطف الآخرين ولا يعبس في وجوههم،وعليه مساعدة إخوانه على قضاء حاجاتهم.
الإحسان ومساعدة الضعفاء: على المسلم أن يحسن إلى الضعيف ويساعد المحتاج، ولا يقتصر إحسان المسلم على البشر، بل عليه أن يحسن كذلك إلى الطير والحيوان فلا يؤذيهما.
الصبر: على المسلم أن لا يشكو همّه لغير الله، عليه تحمّل المصاعب في سبيل العبادة وإرضاء الله.
دعونا نراجع أخلاقياتنا في رمضان ونحاسب أنفسنا بتروي ونقارن بين أخلاقنا وأخلاق الصائم المؤمن الحق، هل نحن على ما يرام؟؟!!.