تعالوا إلى حوار يتسع الجميع
بعد الخلاصة مما حدث وما سيحدث على المشهد الوطني والسياسي اتضح بجلاء أن لا سبيل للخروج من دوامة العنف والخلاف والاختلاف السائدين بين أطراف العملية السياسية في بلادنا إلا الحوار الوطني المسؤول ، وليس أمام الوطن والمواطن إلا الانتظار ليرى بأم عينيه مصداقية أولئك الذين يدّعون تمثيله من كل الأطراف والأقطاب السياسية.
السياسة فن الممكن وما كان غير ممكن فإنه من خلال المشاهد التاريخية - يؤكد أنه في فترة من الفترات ووفق ظروف موضوعية أو ذاتية أو متغير سياسي أو ضرورات موضوعية يصبح ممكنا وهذه حقائق تتضح أمام أنظار المتابعين للشؤون السياسية والاجتماعية والتاريخية لحركة تطور الشعوب أو ما تسمى بالصيرورة التاريخية التي ليس أمام أحداثها شيئاً غير ممكن مادام وهو من صنيع البشر.
والآن والوطن يعانيه ما يعانيه من الخلافات والرؤى الضيقة التي تتجاوز الوطن إلى الشأن الخاص ، وقد يكون فيه شيء من هوى السلطة أو المكاسب الانتخابية التي أصبحت فيها الديمقراطية لعنة على الوطن والمواطن كونها تحيد الجانب المصلحي الذاتي على الجانب الوطني ، وإلا لما ظللنا في حالنا من دوامة الصراع والخلافات والتصريحات المفتعلة من قادة الأحزاب والأطراف السياسية الداعية إلى إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والجهوية وتلك هي الكارثة التي ستجعل الوطن والمواطن يدفع الضريبة إضافة لما دفعه على مراحل دوامة الصراعات التي كانت نتاج رؤى ضيقة أو مصالح ذاتية أنانية هدفها هوى السلطة واتساع الشقة بين أطراف الصراع.
والآن والوطن على هذه الحالة بفعل رواد الصراعات والخلافات ، أما آن الأوان لأن يفقه الجميع أن الحوار هو متسع الجميع لإيصال الرؤى بدون وسيلة أو رسالة وأن يكف الجميع عن المناظرات السياسية والمناكفات الأنانية والعودة إلى طاولة الحوار الوطني المسؤول وتقديم شيء من التنازلات في سبيل الوطن ولن تكون تلك التنازلات إلا سبيلا لدرء هوة الخلافات المفتعلة التي تضر بالوطن والمواطن وإن كانت باسمه أو لكسب تأييده بناء على القاعدة السياسية المشهورة (الغاية تبرر الوسيلة) للفيلسوف الفرنسي السياسي الشهير ميكافللي.
ليس هناك من مستفيد من اتساع هوة الخلافات وإثارة أمراض الماضي فالجميع في الخسارة سواء ، بل إن ذلك سيظل مدعاة لاستنزاف حال الوطن والمواطن في جوانب الحياة العامة من الأهمية أن يظل الحوار الوطني المسؤول هدفا وسبيلا لا ينبغي الرجعة عنه من كل الأطراف وطرح الرؤى الوطنية والإشكاليات التي نعاني منها وطنا ومواطنين وقادة وأحزاباً وسياسيين على طاولة الحوار وشفافية الرؤى وسعة صدر الجميع وليكن الجميع على كلمة سواء حروفها الوطن يتسع الجميع من أبنائه ومحبيه.